✈️ عبّاس بن فرناس: أول طيّار في التاريخ — السيرة الكاملة والإنجازات والإرث العلمي
عبّاس بن فرناس — أحد أعظم علماء الأندلس، ورمز للتنوّر والإبداع العلمي في حقبة ازدهار الحضارة الإسلامية. اسمه يقف عند مفترق الطريق بين الأسطورة والواقع، بين حلم الطيران وبين العزيمة العلمية، وبين الفلك والكيمياء والهندسة. في هذا المقال سنرسم صورة شاملة لحياة ابن فرناس، إنجازاته، محاولاته، إرثه، وأهميته التاريخية
📌 النبذة التاريخية
ولد ابن فرناس حوالي عام 809/810 م في مدينة رندة (Ronda) في الأندلس، ضمن منطقة تُعرف بـ "تاغورنا / طَكورونة" [1].
-
عاش أغلب حياته في قرطبة — عاصمة الأندلس آنذاك، حيث درس وعمل وأجرى تجاربه. [1]
-
تُوفي في عام 887 م في قرطبة. [1]
ابن فرناس لم يكن اختصاصياً في علم واحد فقط، بل كان عالماً موسوعياً: طبيباً، مهندساً، كيميائياً، فلكياً، شاعراً، وموسيقياً. [1]
إنجازاته العلمية والتكنولوجية
🔭 الفلك والهندسة: مجسمات سماوية وآلات زمان
-
بنى نموذجاً ميكانيكياً — يُوصف بـ «سلسلة الحلقات» — لمحاكاة حركة الكواكب والنجوم في الكون. [1] [4]
-
أنشأ أول كُرة سماوية أو قبة سماوية تعليمية في الأندلس — يُمكن الناس من مشاهدة حركة النجوم والكواكب. [1] [3]
-
صمم ساعة مائية أطلق عليها المقامة (Al-Maqata)، إضافة إلى جهاز (أو أداة متمثلة في ما يشبه "ميترونوم") لقياس الزمن — ربما لتحديد مواقيت الصلاة أو لحساب الفترات الزمنية. [3]
🔬 الزجاج والعدسات: من الرمل إلى شفافيات واضحة
-
ابتكر طريقة لتصنيع زجاج شفاف "خال من الألوان"، ما يشكل بداية صناعة الزجاج العصري في الأندلس. [1] [2]
-
طوّر تقنية صقل البلورات (كريستال / كوارتز) — ما أتاح للأندلس أن تتوقف عن تصدير الكوارتز الخام إلى مصر للتلميع.[1]
-
صنعت عدسات مكبرة (أو ما يُسمّى "حجرات قراءة" / reading stones) لتسهيل القراءة — بداية لتقنيات التصحيح البصري باستخدام الزجاج. [4]
🛩️ الطيران: حلم الطيران وتجرِبة أولية في الطيران
ربما أشهر ما يُنسب إلى ابن فرناس هي محاولته للطيران — وهي حكاية اقتربت من الأسطورة، لكنها تحمل رمزية عظيمة:
-
تُروى أنه في عام 852 م حاول القفز من سطح بناء في قرطبة مستخدماً رداءً واسعاً مثبتاً بعظام خشبية — كنوع من المظلة أو أول "براشوت" بدائي، فهبط ببطء. بعض المصادر تعتبر ذلك أول تجربة شبه مظلية في التاريخ. [5]
-
بعد ذلك ابتكر — بحسب الروايات — آلة طيران أشبه بـ "أجنحة" (غلاف ضخم يشبه جناحين مصنوعين من الخشب والقماش والريش)، وأقام تجربة تحليق — بعض المصادر تذكر أنه «طار» لبعض الوقت قبل أن تسوء الهبوط فيؤذي نفسه.[1] [3]
-
بالرغم من أن المصادر تتباين في مصداقية التفاصيل — والكاتب التاريخي الذي يقدم القصة الأساسية عاش بعد ابن فرناس بفترة طويلة.[1]
«إن بين كل تجاربه الغريبة، واحدة هي محاولته الطيران.»
لكن مهما كانت الحقيقة الدقيقة للطيران — فإن فكرة أن إنساناً في القرن التاسع فكّر في الطيران — وتعامل معه كأمر قابل للتجربة — تمثل إرثاً فكريّاً وعلمياً عظيماً.
(مصدر تاريخ الطيران: (Wikipédia)
الشخصيّة: موسوعة في رجل واحد
ابن فرناس لم يكن مهندساً فقط. مصادر متعددة تشير إلى اهتمامه بالموسيقى، الشعر، والفلسفة.
كما عُرف عنه الاهتمام بـ «فنون التعاليم القديمة والحديثة»، محاولاً مزج الحكمة الفلسفية مع المنهج العلمي.
لكن رغم مواهبه، ذكرت بعض المصادر أنه واجه اتهامات بالسحر والزندقة (غالباً بسبب تجاربه الكيميائية أو غير العادية في عصره).
النسيان ثم التقدير: إرث خالد
-
لم يبقَ من مؤلفات ابن فرناس سوى بعض الأبيات الشعرية المنقولة في دواوين لاحقة — فلم يصل إلينا كتاب مستقل يحمل اسمه.
-
لكن الإشادة به لم تنقطع — فخلال العصور الحديثة اُستُعيد اسمه مراراً كأحد رواد العلم والتفكير الحرّ في العالم الإسلامي.
-
تُخلّد ذكرى ابن فرناس في أماكن عدة: من الجسور في قرطبة التي سميت باسمه.
-
وحتى سطح القمر: فهناك فوهة قمرية تحمل اسمه و هو ما يرمز إلى أن أثره امتد إلى ما وراء الأرض.
جدل تاريخي: الحقيقة بين الحلم والأسطورة
من المهم التنويه إلى أن معظم الروايات عن طيران ابن فرناس جاءت بعد عدة قرون من وفاته — في كتب تأريخية لا تُعرَف بدقة مصادرها الأولى.
وهذا يعني أن لا يمكن الجزم بأن تجاربه كانت طيراناً بالمعنى الحديث، أو أن
ما قيل عنها دقيق عبر كل التفاصيل. ولكن تبقى قيمتها الرمزية والثقافية
كبيرة — فعبقرية إنسان أندلسي من القرن التاسع تتخيل الطيران، وتعوم ربما
في الهواء، مقترنة بحبّ للعلم والاستكشاف — هذا بحد ذاته درس تاريخي
وإنساني.
الخاتمة: لماذا ابن فرناس مهم لنا اليوم؟
ابن فرناس ليس فقط شخصية تاريخية — بل نموذج للعالِم الشامل: منفتح على التجريب، يمزج بين الفلسفة والعلم، لا يخشى استكشاف المجهول، رغم الشكوك والاتهامات. إرثه يشجع على الإبداع والبحث، والاعتراف بأن ما نراه اليوم من تقدم كان له من سبقونا حق كبير فيه.
📚 قائمة المصادر والمراجع (Bibliography)
- Wikipedia — Abbas Ibn Firnas
- Abbas Ibn Firnas and his role in the scientific life in Andalusia”, Fezzan University Scientific Journal, 2025
- “Abbas ibn Firnas: The World’s First Pilot, First Aviator”, Radiance Weekly.
- “Abbas Ibn Firnas made the first human-carrying glider”, Muslim Scientists overview.
- Inventions and Scientific Discoveries Of Andalusian Scholars
- “جسر في قرطبة تخليداً لعباس بن فرناس”، Zaman al-Wasl
- Ibn Firnas Crater — Moon

تعليقات
إرسال تعليق